آلاف يفرون من الفاشر وسط اشتباكات دامية

فرّ آلاف المدنيين من مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور، بعد تصاعد حدة الاشتباكات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع التي سيطرت مؤخرًا على سلسلة من المدن الاستراتيجية، بينها الفاشر ومدينة بارا في شمال كردفان. وأفادت المنظمة الدولية للهجرة بأن نحو ٧١ ألف شخص غادروا الفاشر والمناطق المحيطة بها منذ سقوط المدينة، واتجه معظمهم إلى مخيمات مكتظة ومجتمعات مضيفة في مدينة طويلة التي تبعد حوالي ٤٠ كيلومترًا. وروى الناجون رحلات مرعبة عبر نقاط تفتيش ودوريات تابعة لقوات الدعم السريع، مشيرين إلى انتهاكات واسعة النطاق شملت إعدامات جماعية وتعذيبًا وضربًا وعنفًا جنسيًا على طرق النزوح. وشهد النازحون مشاهد دمار وموت، إذ تُركت الجثث على جوانب الطرق دون دفن، وتفرقت العائلات بسبب القصف، فيما استغل مسلحون على دراجات نارية وجِمال الفوضى لنهب الفارين. وقالت امرأة إن ابنها الجندي قُتل وآخر أُصيب بجروح خطيرة، بينما تحدث آخرون عن قصف عشوائي يومي يودي بحياة العشرات. وتشهد طويلة تضخمًا سكانيًا حادًا مع تدفق الفارين، حيث تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن عدد النازحين داخليًا في المنطقة ارتفع من نحو ٢٣٠ ألفًا في مارس إلى أكثر من ٦٥٠ ألفًا بحلول سبتمبر، ما أدى إلى إنهاك الموارد المحلية وعجز المجتمعات المضيفة عن توفير الغذاء والدواء والمأوى بشكل كافٍ. ويحذر عمال الإغاثة من أن القتال المستمر في ولايات دارفور وكردفان والنيل الأزرق يعيق بشدة وصول المساعدات الإنسانية، ما يجعل إيصال الإمدادات المنقذة للحياة أمرًا بالغ الصعوبة. وتتعرض الخدمات الطبية لضغط هائل، وتشير تقارير من النازحين والمنظمات الإنسانية إلى ارتفاع الوفيات بسبب الجوع والملاريا وفقر الدم مع تراجع الإمدادات وانهيار الأنظمة الصحية. كما انتقل العديد من الأسر النازحة شمالًا إلى مخيم الدبة في الولاية الشمالية، ومن المتوقع وصول آلاف آخرين مع استمرار العنف. وقد أدى الصراع الأوسع، الذي اندلع في أبريل ٢٠٢٣، إلى تدمير البنية التحتية في أنحاء البلاد، ومقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين، ما أغرق السودان في أزمة إنسانية مطولة. وتؤكد المنظمات الإنسانية أن عملياتها تعرقلها الاشتباكات المستمرة والعقبات البيروقراطية ونقص التمويل الحاد. ومع اقتراب فصل الشتاء في بعض المناطق وندرة ممرات الوصول الآمن، تحذر وكالات الإغاثة من أن المدنيين النازحين يواجهون مخاطر متزايدة من الأمراض والجوع والتعرض للعوامل الجوية إذا لم تُضاعف المساعدات بشكل عاجل ويُسمح بوصولها دون عوائق.