معارك ضارية للسيطرة على بوكروفسك

اشتدت المعارك في محيط مدينة بوكروفسك مع سعي القوات الروسية لانتزاع آخر المناطق التي تسيطر عليها أوكرانيا في إقليم دونيتسك، ما حوّل المدينة الصناعية السابقة إلى ساحة قتال شبه محاصرة. وتعد بوكروفسك نقطة استراتيجية عند تقاطع طرق وسكك حديد رئيسية تربط الجبهة الشرقية الأوكرانية، والسيطرة عليها ستشكل خطرًا على خطوط الإمداد إلى مدينتي سلافيانسك وكراماتورسك وقد تؤدي إلى محاصرة وحدات أوكرانية في جيوب قريبة. ويقول محللون إن موسكو تستخدم تكتيك الكماشة مدعومًا بوحدات تسلل صغيرة وطائرات مسيّرة لتعطيل الإمدادات الأوكرانية وخلق منطقة خطرة حول المدينة. وأوضح الباحث روب لي من معهد أبحاث السياسة الخارجية أن الروس يعتمدون نمطًا متكررًا من الالتفاف والهجمات المتقطعة بالمسيّرات، مما يجعل من الصعب على القوات الأوكرانية تحريك الأفراد والمعدات، خاصة في المناطق التي تتطلب السير لمسافات طويلة للوصول إلى الخطوط الأمامية. وأضاف أن سقوط بوكروفسك سيجعل الانسحاب من مناطق جنوب وشرق ميرنوهراد أكثر تعقيدًا، لكنه أكد أن سلافيانسك وكراماتورسك تبقيان المعقلين الأهم لأوكرانيا في دونيتسك منذ عام ٢٠٢٢. وقد فر معظم المدنيين من المدينة تحت وابل القصف المستمر وهجمات المسيّرات والقنابل الانزلاقية التي دمّرت المنازل والمستشفيات والبنية التحتية للطاقة. وتقول المنظمات الإنسانية إن مئات الأشخاص ربما ما زالوا عالقين وسط نقص حاد في الإمدادات. وتصف السلطات الأوكرانية بوكروفسك بأنها خط دفاع أساسي ورمز للمقاومة، في حين تصوّرها روسيا كجزء من هدفها المعلن بالسيطرة الكاملة على إقليم دونباس الذي يضم مقاطعتي دونيتسك ولوهانسك، وهو ضم ترفضه كييف والدول الغربية باعتباره غير قانوني. ويؤكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن دونباس بات جزءًا من روسيا، لكن أوكرانيا لا تزال تسيطر على نحو ١٠٪ من مساحته، معظمها في غرب دونيتسك. ويحذر مسؤولون غربيون من أن سيطرة موسكو على بوكروفسك ستكون مكسبًا عسكريًا وإعلاميًا كبيرًا بعد أشهر من التقدم المحدود، وقد تمكّنها من توسيع الهجمات وتعزيز موقفها في أي مفاوضات مستقبلية. أما بالنسبة لأوكرانيا، فإن الدفاع عن المدينة ضرورة تكتيكية ورسالة رمزية على استمرار صمودها في وقت يبقى فيه القتال على الجبهة الشرقية من أكثر المعارك شراسة منذ بداية الحرب.