أبطلت محكمة استئناف في بوغوتا إدانات الرئيس الكولومبي الأسبق ألفارو أورِيبي بتهم الاحتيال والرشوة المرتبطة بمحاولة التأثير على الشهود، وألغت حكم الإقامة الجبرية لمدة ١٢ عامًا، معتبرة أن الأدلة الرئيسية، ولا سيما الاتصالات المراقبة، غير كافية قانونيًا أو جُمعت بطريقة غير مشروعة. وقالت هيئة القضاة الثلاثة إن المحاكمة الأصلية شابتها عيوب إجرائية وأخطاء في تقييم الأدلة، ما أدى فعليًا إلى إلغاء الحكم الذي جعل من أورِيبي أول رئيس كولومبي سابق يُدان جنائيًا.
وتعود القضية إلى اتهامات بأن أورِيبي رتّب عبر محامٍ مدفوعاتٍ لأعضاء سابقين في جماعات شبه عسكرية مسجونة لتغيير شهاداتهم التي كانت تربطه بتلك الميليشيات اليمينية التي نشطت خلال الصراع الداخلي الطويل في كولومبيا. وقد وُجهت لتلك الجماعات شبه العسكرية، التي دعمها تاريخيًا بعض ملاك الأراضي والنخب المحلية لمواجهة المتمردين اليساريين، اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة شملت عمليات قتل موثقة في تقارير لجان الحقيقة. وكان الادعاء العام والمحكمة العليا قد خلصا سابقًا إلى وجود مؤشرات على ضغط أورِيبي على الشهود، إلا أن الأخير نفى التهم باستمرار ووصف القضية بأنها “اضطهاد سياسي”.
وجاءت ردود الفعل سريعة ومنقسمة؛ إذ انتقد الرئيس غوستافو بيترو قرار محكمة الاستئناف، واعتبره انتكاسة لجهود كشف نفوذ الجماعات شبه العسكرية في السياسة الكولومبية. في المقابل، رحّب أنصار أورِيبي بالحكم واعتبروه “إنصافًا قانونيًا” وتصحيحًا لتجاوز قضائي. وأعلن السيناتور إيفان سيبيدا — الذي لعب دورًا محوريًا في التحقيق الأصلي واتهمه أورِيبي سابقًا بالتلاعب بشهادات الميليشيات — أنه سيطعن بالقرار أمام المحكمة العليا، مما يبقي الباب مفتوحًا أمام احتمال إعادة القضية إلى أعلى هيئة قضائية في البلاد واستمرار النزاع القانوني.
وأشار خبراء قانونيون إلى أن حكم الاستئناف ركّز على مسألة مقبولية الأدلة وقيمتها الإثباتية، خصوصًا التنصت والاعتراضات القضائية، وخلص إلى أنها لم تستوفِ المعايير الصارمة المطلوبة للإدانة. وبذلك، استند القرار بقدر كبير إلى أسباب فنية قانونية بقدر ما استند إلى جوهر الاتهامات، ما أثار تساؤلات حول الإجراءات وأساليب التحقيق والتوازن بين حقوق المتهمين والسعي لتحقيق العدالة عن الفظائع الماضية.
وتحمل القضية أبعادًا سياسية عميقة، إذ تُعد من أبرز محطات المواجهة بين كولومبيا وماضيها العنيف ودور الميليشيات شبه العسكرية في صياغة المشهد السياسي للبلاد، مما يجعل الحكم الأخير نقطة تحول في النقاش الوطني حول العدالة والمساءلة.