أقامت كوريا الشمالية احتفالات رسمية بمناسبة ذكرى تأسيس الدولة، حيث بثّت وسائل الإعلام الحكومية مشاهد تُظهر تجمعات للمواطنين والمسؤولين عند ضريح الملك تانغون في بيونغ يانغ، الذي يُعد رمزًا أسطوريًا لبداية الأمة الكورية. وشهدت العاصمة مراسم رفع العلم وأداء القسم في قاعة مانسوداي الكبرى، برئاسة الزعيم كيم جونغ أون وبحضور كبار مسؤولي الحزب والحكومة، وقادة الجيش، وممثلين عن العمال والفلاحين.
في خطابه بهذه المناسبة، أشاد كيم بـ “المكانة المطلقة والأمن المستقر” التي تتمتع بهما كوريا الشمالية، مؤكدًا التزام النظام بمبدأ الاعتماد على الذات وتعزيز الوحدة الوطنية في مواجهة الضغوط الخارجية. وأضاف أن “أي قوة خارجية لن تستطيع وقف مسيرة التقدم التي اختارتها الأمة الكورية”. وشدد على أن مسيرة البلاد تمثل “انتصارًا للفكر الجوتشي” و”تجسيدًا لعقيدة الصمود والكرامة الوطنية”.
أعلنت السلطات اليوم عطلة وطنية، وأمرت بإغلاق المصانع والمزارع والمؤسسات ليوم واحد، في حين جرى تكليف العمال بحراسة المواقع الثورية التاريخية والمنشآت الدعائية. ونُظّمت فعاليات ثقافية وشعبية واسعة في بيونغ يانغ ومدن أخرى، شملت تجمعات شبابية جماهيرية، وعروضًا فنية، ومعارضًا للإنجازات الوطنية، واحتفالات في الساحات العامة. وعلى الرغم من أن العروض العسكرية الكبرى تُخصص عادة للذكرى الخمسينية أو المئوية، إلا أن السلطات نظمت استعراضات رمزية صغيرة ركّزت على الانضباط والتنظيم، في محاولة لإظهار هيبة الدولة دون اللجوء إلى عرض عسكري ضخم.
الإعلام الرسمي ركّز على الطابع التاريخي والرمزي للمناسبة، رابطًا بين أسطورة التأسيس القديمة و”القيادة الثورية الحديثة”، ومبرزًا أن الزعيم كيم جونغ أون هو الامتداد الطبيعي لإرث جده كيم إيل سونغ. كما أكدت التقارير أن الاحتفال يرمز إلى “استمرار النضال ضد الإمبريالية” و”وفاء الشعب لمسيرة الثورة الكورية”.
وتضمنت البرامج التلفزيونية المقابلات مع قدامى المحاربين، ومشاهد لأطفال المدارس وهم يضعون الورود أمام تماثيل القادة الراحلين، في إطار ما وصفته وكالة الأنباء المركزية الكورية بأنه “تعبير عن الحب غير المحدود للقائد العظيم”.
وتأتي هذه الذكرى في ظل استمرار العقوبات الدولية وتصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية، لكن الرسائل الرسمية حرصت على إظهار الثقة والاستقرار الداخلي. واعتبر المراقبون أن المراسم تمثل وسيلة لترسيخ شرعية النظام داخليًا وإرسال رسالة إلى الخارج بأن كوريا الشمالية ماضية في طريقها دون تراجع.
وبحسب وسائل الإعلام الحكومية، فإن “يوم التأسيس” يجسد وحدة الشعب والجيش والحزب، ويمثل عهدًا جديدًا للحفاظ على السيادة الوطنية ومواصلة التنمية في وجه الضغوط الأجنبية، في حين يبقى التحقق المستقل من الصور والمشاهد المنشورة محدودًا بسبب القيود الصارمة المفروضة على الإعلام الأجنبي داخل البلاد.