أطلقت قوات الأمن الكينية أعيرة تحذيرية واستخدمت الغاز المسيل للدموع لتفريق آلاف المشيعين الذين احتشدوا في ملعب “موي الدولي” في منطقة كاساراني بنيروبي لإلقاء نظرة الوداع على جثمان زعيم المعارضة المخضرم رايلا أودينغا، الذي توفي في الهند عن عمر ناهز ٨٠ عامًا أثناء تلقيه العلاج.
وكان جثمان أودينغا قد وصل إلى مطار جومو كينياتا الدولي، حيث استقبلته حشود هائلة تسببت في تعطيل جزئي لمراسم الاستقبال وإيقاف بعض العمليات في المطار مؤقتًا. ونظرًا للإقبال الكبير غير المتوقع، نقل المنظمون مراسم العرض البرلماني للجثمان إلى ملعب يتسع لـ٦٠ ألف شخص. ومع تدفق الحشود إلى الاستاد، اخترق بعض المشيعين إحدى البوابات، مما دفع الجنود لإطلاق النار في الهواء، بينما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق الجموع المتقدمة. وأدى التدافع إلى حالة من الذعر وسقوط ضحايا قرب المخارج، حيث أفادت منظمات حقوقية ووسائل إعلام محلية بوقوع عدة وفيات وعشرات الإصابات، وقالت منظمة “فوكل أفريقيا” إن ثلاث جثث لمصابين بأعيرة نارية نُقلت إلى المشرحة الرئيسية في المدينة. وقدّمت السلطات روايات متباينة حول ما إذا تم استخدام الذخيرة الحية أو وسائل أقل فتكًا.
وقبل بدء العرض العام، تقدم الرئيس وليام روتو وعدد من كبار الشخصيات لتقديم العزاء أمام النعش المفتوح. وشارك آلاف المواطنين في الموكب حاملين أغصان الشجر وسعف النخيل تعبيرًا عن الحزن، ورافقوا الجثمان من المطار إلى الاستاد. في وقت سابق، حاول بعض مؤيدي أودينغا اقتحام البوابات القريبة من البرلمان ودخول مناطق محظورة في المطار لرؤية الجثمان عن قرب، ما زاد التوتر الأمني في العاصمة.
ويُعد رايلا أودينغا أحد أبرز الشخصيات في تاريخ كينيا السياسي الحديث، إذ سُجن في فترات سابقة لمعارضته الحكومة، وخاض الانتخابات الرئاسية خمس مرات دون فوز، لكنه ظل الشخصية الأبرز في صفوف المعارضة على مدى عقود. وذكرت عائلته أنه انهار أثناء نزهة صباحية في الهند ونُقل إلى مستشفى قرب مدينة كوتشي، حيث فارق الحياة لاحقًا. وقد أعلنت السلطات فترة حداد وطني، وتقرر نقل الجثمان إلى مدينة كيسومو لإتاحة الفرصة للمواطنين لإلقاء النظرة الأخيرة قبل دفنه في بلدة بوندو.
ومع استمرار المراسم، سمحت السلطات بمشاهدة محدودة خارج بوابات الاستاد بعد أن أُنجزت مراسم التوديع الرسمية لكبار الشخصيات، بينما واصلت قوات الأمن محاولاتها لفرض النظام ومنع مزيد من التدافع. ودعت منظمات حقوقية وعدد من وسائل الإعلام إلى فتح تحقيق مستقل في الأحداث التي أدت إلى الوفيات والإصابات خلال الفوضى التي شهدها كل من الاستاد والمطار، في وقت خيّم فيه الحزن على العاصمة الكينية التي ودّعت أحد أكثر السياسيين تأثيرًا في تاريخها الحديث.