شهد مطار إنتشون الدولي مشاهد مؤثرة عند وصول نحو ٣٠٠ عامل كوري جنوبي إلى بلادهم بعد الإفراج عنهم من الولايات المتحدة، حيث كان في استقبالهم أفراد عائلاتهم بالدموع والتصفيق إلى جانب مسؤولين بارزين بينهم مدير ديوان الرئاسة. وتأتي هذه العودة عقب مداهمة واسعة نفذتها سلطات الهجرة الأميركية في موقع مشروع بطاريات بولاية جورجيا، حيث جرى احتجاز العمال في ظروف صادمة، إذ كُبلوا بالأصفاد والقيود، ما أثار موجة غضب عارمة في كوريا الجنوبية.
وقد دفعت الحادثة الحكومة الكورية الجنوبية إلى الدخول في مفاوضات مكثفة مع واشنطن لضمان الإفراج عن مواطنيها، في وقت حساس تسعى فيه الدولتان إلى استكمال صفقة تجارية كبرى تتعلق بصندوق استثماري تبلغ قيمته ٣٥٠ مليار دولار، يهدف إلى تعزيز الصناعات الأميركية الاستراتيجية. وتعاني الشركات الكورية منذ فترة من صعوبات في الحصول على التأشيرات المناسبة للعمالة المتخصصة، ما أدى إلى اعتمادها على ثغرات في تطبيق قوانين التأشيرات الأميركية.
وفي إطار معالجة الأزمة، قام وزير الخارجية الكوري الجنوبي بزيارة إلى واشنطن لمناقشة إمكانية إنشاء مجموعة عمل مشتركة تبحث في استحداث فئة جديدة من التأشيرات للعمال الكوريين. كما تسبب الحادث في تأخير مشروع مصنع البطاريات المشترك بين "هيونداي" و"إل جي"، إذ قدّرت شركة هيونداي أن المشروع سيتأخر ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر على الأقل.
العمال العائدون وصلوا على متن طائرة مستأجرة إلى مطار إنتشون، حيث جرت لقاءات مؤثرة مع عائلاتهم بعد أسابيع من المعاناة. وقد ازدادت موجة الغضب الشعبي عقب انتشار مقاطع مصورة أظهرت العمال وهم يُنقلون مكبلين بالسلاسل، وهو ما اعتبره كثيرون إذلالاً وإهانة غير مقبولة. وأكدت الحكومة الكورية أن معظم العمال المفرج عنهم كانوا يحملون تأشيرات سارية أو دخلوا البلاد ضمن برامج الإعفاء من التأشيرة، لكن عدداً كبيراً منهم خالف شروط إقامتهم، سواء بالعمل دون تصريح أو بالبقاء بعد انتهاء المدة المسموح بها.
وبالنظر إلى تداعيات الحادث، تدفع كوريا الجنوبية باتجاه وضع إرشادات أوضح للتأشيرات، إضافة إلى إمكانية إدخال نظام حصص أو فئة تأشيرات جديدة لمواطنيها العاملين في الولايات المتحدة، خصوصاً في المشروعات المشتركة مثل مصانع البطاريات التابعة لـ"هيونداي-إل جي". ورغم أن واشنطن عرضت على بعض العمال البقاء مؤقتاً لتدريب الموظفين الأميركيين، إلا أن الغالبية الساحقة منهم فضّلوا العودة إلى بلادهم، حيث أفادت التقارير بأن عاملاً واحداً فقط وافق على البقاء.