أصبحت مئات العائلات في مقديشو مشردة بعد أن نفّذت الحكومة حملات هدم واسعة طالت الأحياء العشوائية في مختلف أنحاء العاصمة، وفق ما أفاد به السكان والمحللون ومنظمات الإغاثة. وذكرت التقارير أن الجرافات دمرت منازل دون إنذار مسبق أو بمهلة قصيرة للغاية، ما أجبر الأهالي على الفرار تاركين وراءهم معظم ممتلكاتهم. وتؤوي مخيمات مؤقتة على أطراف المدينة الآن عددًا كبيرًا من الأسر التي فقدت منازلها، حيث وصفت العائلات مشاهد الفوضى والإخلاء المفاجئ أثناء وجودهم داخل البيوت.
وقال السكان المرحّلون إن السلطات طالبتهم بدفع مبالغ تراوحت بين ١٥٬٠٠٠ و٢٠٬٠٠٠ دولار أميركي لتسوية أوضاع ملكية الأراضي قبل وصول الجرافات، لكن من عجز عن الدفع تم طرده بالقوة، وتم تدمير المنازل والمتاجر الصغيرة والبنية التحتية الأساسية مثل الآبار والمراحيض العامة. وقدّم شهود في مناطق متضررة، من بينها دينيلِه (Deynile)، وثائق قالوا إنها تثبت ملكيتهم القانونية للأراضي في ظل حكومات سابقة، في تناقض مع ادعاءات المسؤولين بأن الأراضي عامة.
من جانبها تؤكد الحكومة أن العمليات تهدف إلى استعادة الأراضي العامة المخصصة لمشاريع تنموية وإزالة التعديات غير القانونية. ويقول المسؤولون إن هذه الخطوات ضرورية لتطوير البنية التحتية وتحسين التخطيط الحضري. لكن منتقدين، من بينهم محللون محليون، يرون أن العديد من الأراضي المتنازع عليها تملك سجلات ملكية رسمية، وأن أي استخدام عام قانوني يجب أن يتضمن تعويضًا عادلًا وإجراءات قانونية واضحة قبل تهجير السكان.
وأدانت المنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني عمليات الإخلاء بشدة، مشيرة إلى أنها تنتهك المعايير الدولية الخاصة بحماية السكان المتضررين، والتي تنص على ضرورة التشاور المسبق، وتوفير إخطار مناسب، وإتاحة سبل التظلم، وضمان مساكن بديلة أو تعويضات مالية. كما حذّرت هيئات الإغاثة من أن اقتلاع العائلات الضعيفة فجأة — ولا سيما تلك التي كانت نازحة داخليًا أصلًا — يتركها مكشوفة أمام ظروف الطقس القاسية ودون خدمات أساسية، ما يفاقم الأزمة الإنسانية.
وقد اندلعت احتجاجات في عدد من الأحياء، حيث أشعل المتظاهرون الإطارات وطالبوا بمحاسبة السلطات المحلية والوطنية. واستغل السياسيون المعارضون والنشطاء هذه الأحداث لتجديد اتهاماتهم بـ الفساد وضعف الإدارة وسوء التخطيط الحضري، معتبرين أن الأساليب القسرية تقوّض حقوق الإنسان وتزعزع الثقة العامة. وحذر مراقبون من أن استمرار هذه الانتهاكات دون معالجة شكاوى المتضررين قد يؤدي إلى تفاقم التوترات الاجتماعية وإشعال اضطرابات جديدة في العاصمة.