قام مراسل من وكالة أنباء الصين بجولة في مقاطعة لونغغانغ بمدينة شنجن، التابعة لمقاطعة غوانغدونغ، للاطلاع على الجهود المبذولة لتحويل المدينة إلى "عاصمة للمركبات غير المأهولة". حيث تشغّل لونغغانغ وحدها ٨٢ شاحنة لوجستية ذاتية القيادة على ٢٨٠ خطاً، تغطي أكثر من ٥٥,٠٠٠ كيلومتر. وتقوم هذه المركبات بتسليم مجموعة واسعة من الطرود والإمدادات الطبية. وفي مستشفى الشعب بالمنطقة، تُستخدم عربات ذاتية القيادة لنقل الأدوية والكواشف والأجهزة والعينات المخبرية، مما يساهم في تسريع العمليات الداخلية وتخفيف العبء عن الكوادر الطبية.
لم تتوقف الأتمتة عند هذا الحد، إذ بدأت بعض الشوارع في استخدام مركبات غير مأهولة لجمع القمامة، مما يقلل من حجم العمالة المطلوبة في إعادة التدوير. كما تختبر شركات الحافلات سيارات صغيرة ذاتية القيادة لنقل قطع الغيار ووجبات الطعام، ما يؤدي إلى خفض إضافي في تكاليف العمالة.
استراتيجية غوانغدونغ أشمل من لونغغانغ فقط، إذ أطلقت شنجن أول شبكة توصيل غير مأهولة على مستوى المدينة في الصين، بطول يتجاوز ٣٠ كيلومتراً وعشرة خطوط تربط بين مناطق لونغغانغ، لونغهوا، بينغشان وباوآن. وتضم الشبكة أكثر من ٣٠٠ مركبة توصيل ذاتية القيادة تخدم أكثر من ١٠٠ حي، وتتعامل يومياً مع نحو ٨٠,٠٠٠ طرد، حيث يمكن للمقيمين تتبع شحناتهم عبر تطبيقات الهاتف المحمول. كما تستعد المدينة لتشغيل مشروع تجريبي واسع للسيارات الأجرة الروبوتية في منطقة تشيانهاي الجديدة بالتعاون مع شركات مثل Pony.ai، ويستهدف هذا المشروع المناطق التجارية المزدحمة والمطارات ومراكز المعارض.
أما غوانغتشو فقد سجلت أكثر من ٢٤ مليون كيلومتر من اختبارات القيادة الذاتية على الطرق العامة بمشاركة ١٧ شركة، شملت الحافلات غير المأهولة والشاحنات اللوجستية والروبوتات المخصصة للنظافة. وتعمل حالياً ٥٠ حافلة ذاتية القيادة على أكثر من ١٠ خطوط، مدعومة بشبكة متطورة من تغطية الجيل الخامس وأجهزة استشعار على جانبي الطرق وإشارات مرور ذكية تشكل ما يعرف بـ "شبكة المركبة – الطريق – السحابة".
كما انضمت مدن أصغر إلى هذه الجهود، مثل شانتو التي تستخدم فيها مركبة WeRide S1 ذاتية القيادة في كنس الشوارع بشكل متواصل في ميناء تشاورن، مما يخفف الأعباء عن فرق النظافة. وتستثمر الحكومة المحلية أيضاً في بناء "اقتصاد منخفض الارتفاع"، حيث تختبر شركات مثل EHang مركبات جوية ذاتية القيادة لنقل البضائع والركاب. ويأمل المسؤولون أن يحقق هذا القطاع عوائد تتجاوز ٣٠٠ مليار يوان بحلول عام ٢٠٢٦، على الرغم من التحديات المرتبطة بإدارة الأجواء، والسلامة، والرقابة على حركة المرور ثلاثية الأبعاد.
ومع ذلك، تبقى قضايا القبول المجتمعي والسلامة مثار نقاش. فقد أصدرت غوانغدونغ لوائح جديدة لتنظيم الاختبارات ونشر الأنظمة غير المأهولة تجارياً. وتُعد شنجن من أوائل المدن الصينية التي سمحت للسيارات الذاتية القيادة بالسير على الطرق العامة دون وجود سائق أمان، لكن ضمن شروط صارمة.
تشير هذه المبادرات مجتمعة إلى أن غوانغدونغ باتت واحدة من أكثر المناطق تقدماً في العالم في مجال التنقل الذاتي، حيث تدمج بين الابتكار التكنولوجي والدعم الحكومي لبناء نموذج عالمي في ثورة المركبات غير المأهولة.