احتشد المئات في العاصمة اليمنية صنعاء للمشاركة في مراسم تشييع جنازات ٣١ صحفياً يمنياً قُتلوا الأسبوع الماضي إثر غارات جوية إسرائيلية. وقد بثّت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين المشاهد التي أظهرت عشرات المشيعين داخل مسجد يتلون الأدعية فيما اصطف حرس الشرف إلى جانب التوابيت قبل نقلها إلى مواقع الدفن. وأفاد شهود عيان أن الحضور كان أقل من المتوقع بسبب الأمطار الغزيرة التي هطلت صباح يوم الجنازات.
وجاءت هذه الغارات يوم الأربعاء الماضي، مستهدفة مواقع للحوثيين في العاصمة، رداً على إطلاق الجماعة طائرة مسيرة اخترقت أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلي وأصابت مطاراً في جنوب إسرائيل. وشملت الضربات الجوية أحياء سكنية ومحطة وقود ومقر قيادة عسكرية ومواقع أخرى في صنعاء، ما أدى إلى أضرار واسعة. كما لحقت أضرار بواجهة المتحف الوطني اليمني، فيما تعرض مرفق حكومي في مدينة الحزم، عاصمة محافظة الجوف الشمالية، للقصف أيضاً. وأسفر الهجوم عن إصابة مدني واحد بجروح غير خطيرة.
وقال مسؤولون حوثيون إن الغارات أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين، بينهم الصحفيون الذين اعتُبر فقدانهم "ضربة هائلة" للمجتمع الإعلامي في اليمن. وأشارت لجنة حماية الصحفيين إلى أنها تواصل التحقيق في ملابسات مقتل الإعلاميين لكنها تواجه صعوبات كبيرة بسبب الرقابة الصارمة التي يفرضها الحوثيون، والتي تحظر تداول الصور أو مقاطع الفيديو من مواقع الاستهداف. كما ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن القوات الإسرائيلية قصفت أيضاً مركزاً إعلامياً يضم مقري صحيفتين محليتين، ما يبرز المخاطر المتزايدة التي يواجهها الصحفيون سواء من السلطات المحلية أو من أطراف الصراع الخارجي.
وتندرج هذه الغارات ضمن سلسلة أوسع من الهجمات الإسرائيلية التي تأتي رداً على إطلاق الحوثيين صواريخ وطائرات مسيرة باتجاه إسرائيل والسفن التجارية في البحر الأحمر. ويؤكد الحوثيون أن هجماتهم تأتي تضامناً مع الفلسطينيين في ظل استمرار الصراع في غزة الذي يقترب الآن من عامه الثاني. وقد تواصلت حملتهم باستخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة والهجمات البحرية لأكثر من ٢٢ شهراً، الأمر الذي دفع إسرائيل إلى شن غارات متكررة داخل الأراضي اليمنية.
وقد عكست الجنازات الأثر الإنساني العميق لهذا النزاع على الجسم الصحفي اليمني. فقد اجتمعت عائلات وزملاء الضحايا، ومن بينهم عاملون في صحيفة "٢٦ سبتمبر"، لتأبين الصحفيين الذين عملوا في ظروف بالغة الخطورة. ويمثل فقدان ٣١ صحفياً ضربة قاسية للمشهد الإعلامي الهش في اليمن، ويثير مخاوف جدية حول قدرة الصحفيين على الاستمرار في أداء عملهم بأمان في بيئة تمزج بين رقابة داخلية مشددة وغارات عسكرية خارجية تهدد حياتهم وتقيّد رسالتهم.