يواصل قطاع التصنيع في الصين معاناته وسط ضغوط اقتصادية داخلية وخارجية متزايدة، حيث أظهرت البيانات الرسمية أن النشاط الصناعي انكمش للشهر الخامس على التوالي خلال أغسطس. فقد ارتفع مؤشر مديري المشتريات (PMI) بشكل طفيف إلى ٤۹٫۴ نقطة، لكنه لا يزال أقل من المستوى الحرج البالغ ۵۰ نقطة، وهو الخط الفاصل بين النمو والانكماش. هذا الأداء الضعيف يعكس حجم التحديات التي تواجه ثاني أكبر اقتصاد في العالم، في وقت تسعى فيه بكين إلى تحقيق هدفها المعلن للنمو عند حدود ۵٪ هذا العام.
تتجسد أبرز هذه التحديات في استمرار الرسوم الجمركية الأميركية، حيث أبقت واشنطن على تعريفات بنسبة ۳۰٪ على الواردات الصينية، بينما تواصل بكين فرض رسوم بنسبة ۱۰٪ على السلع الأميركية. ورغم أن الجانبين اتفقا على تمديد هدنة تجارية لمدة ۹۰ يومًا إضافيًا، إلا أن حالة عدم اليقين التجاري تضغط بشدة على المصانع والمصدرين. وإلى جانب ذلك، يعاني السوق العقاري الصيني من ركود طويل الأمد، ما أدى إلى ضعف ثقة المستهلكين وتراجع الإنفاق المحلي، رغم الحوافز الحكومية وزيادة الدعم الاستهلاكي.
اليابان بدورها تعاني وضعًا مشابهًا، حيث بقي مؤشر مديري المشتريات الصناعي تحت مستوى ۵۰ نقطة للشهر الثاني على التوالي. وسجل مؤشر S&P Global الصناعي لليابان ارتفاعًا طفيفًا إلى ٤۹٫۷ نقطة، مما يشير إلى تباطؤ في وتيرة التراجع لكنه لا يزال ضمن نطاق الانكماش. والأخطر أن الطلبيات التصديرية اليابانية هبطت إلى أدنى مستوى لها منذ ۱۷ شهرًا، نتيجة تراجع الطلب الخارجي المتأثر بالرسوم الأميركية.
الوضع لم يقتصر على الصين واليابان فقط، بل امتد إلى اقتصادات آسيوية أخرى تعتمد بشكل كبير على التصدير مثل كوريا الجنوبية وتايوان، حيث أظهرت المؤشرات هناك أيضًا قراءات دون مستوى ۵۰ نقطة. هذه النتائج تعكس مدى انتشار آثار السياسات التجارية الأميركية في المنطقة، حيث تقوض الرسوم فرص النمو وتزيد من الضغوط على قطاعات التصنيع.
بعض البيانات غير الرسمية أظهرت إشارات طفيفة على تحسن محدود في النشاط الصناعي الصيني، إلا أن المحللين يؤكدون أن الصورة العامة لا تزال قاتمة. ويشير الخبراء إلى أن ضعف الطلب المحلي في الصين وتراجع الصادرات على مستوى الإقليم يهددان بتفاقم الأزمة، خاصة إذا لم تُتخذ إجراءات أعمق لإعادة التوازن. ومع استمرار الضغوط العالمية والتوترات التجارية، يبقى التساؤل المطروح هو قدرة بكين على الحفاظ على زخم نمو مستدام في ظل هذه الظروف المعقدة.