تراجع معدل الفقر في الأرجنتين مقارنة بذروته عام ٢٠٢٤، لكن المعاناة الواسعة ما تزال قائمة، حيث يكافح ما يقارب نصف السكان لتأمين احتياجاتهم الأساسية. وتشير البيانات الرسمية إلى أن التضخم انخفض وأن بعض الإجراءات المالية ساعدت على خفض نسبة الفقر الإجمالية من ٥٢,٩٪ في منتصف ٢٠٢٤ إلى حوالي ٣٨,١٪ بنهاية العام، ثم إلى نحو ٣١,٦٪ في النصف الأول من ٢٠٢٥ — وهو أدنى مستوى منذ عام ٢٠١٨ — بينما تراجع الفقر المدقع إلى نحو ٧٪. وترى الحكومة أن الانخفاض يعود إلى تباطؤ التضخم، برامج دعم الدخل، وإجراءات التعديل المالي.
لكن المنتقدين يعتبرون أن هذه الأرقام تخفي معاناة عميقة وغير متكافئة. فبرنامج التقشف الذي ينفذه الرئيس خافيير ميلي، بما في ذلك خفض المعاشات والوظائف العامة والدعم، يُتهم بإبطاء الاقتصاد وترك العديد من المواطنين بلا عمل أو بدخل غير كافٍ. وتشير تقارير مستقلة وشهادات من السكان إلى استمرار انعدام الأمن الغذائي، لجوء الأسر إلى استراتيجيات غير رسمية للتأقلم، بحث الناس عن الخضروات المرمية في الأسواق أو الاعتماد على السلع المستعملة.
ويظل الأطفال الفئة الأكثر تضررًا: إذ وصل معدل الفقر بينهم إلى نحو ٥١,٩٪ في أواخر ٢٠٢٤ وحوالي ٤٥,٤٪ بين من هم دون ١٤ عامًا وفق بعض البيانات، مع تعرضهم بشكل خاص لتراجع الخدمات العامة، ثغرات في التغطية الصحية، زيادة معدلات التسرب المدرسي وانعدام الأمن الغذائي. وتبرز الفوارق الإقليمية بشكل حاد، حيث تسجل مقاطعات الشمال مثل سالتا وكاتاماركا ارتفاعًا في فقر الأطفال رغم تحسن المتوسط الوطني، مدفوعة بضعف البنية التحتية واتساع سوق العمل غير الرسمي.
وتعكس أصوات من المجتمعات المتضررة الواقع اليومي خلف الأرقام. فقد وصف عامل بناء عاطل عن العمل انتشار الجوع والتشرد، فيما أكد سكان ضواحي بوينس آيرس أن العائلات تتخطى وجبات وتعتمد على مشروب الـ"ماتيه" لتخفيف الإحساس بالجوع. ويحذر محللون من أن المكاسب الأخيرة قد تكون هشة ما لم يتم تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، وتقديم حماية موجهة للأطفال، ومعالجة التفاوتات الجغرافية. ومن المقرر أن تنشر هيئة الإحصاء الوطنية هذا الأسبوع بيانات محدثة عن الفقر في مطلع ٢٠٢٥، ما سيعطي صورة أوضح عما إذا كانت التحسينات قد استمرت في جميع المناطق والفئات العمرية.