شهدت شوارع مدن مغربية كبرى مثل الدار البيضاء والرباط وفاس ومراكش موجة متصاعدة من الاحتجاجات الشبابية، قادها جيل ما بعد ١٩٩٥، تحت شعار رفض الفساد والمطالبة بالعدالة الاجتماعية وتحسين التعليم والصحة. التحركات التي أطلقها تجمع مجهول باسم "GenZ ٢١٢" تعتمد على التنسيق الرقمي عبر منصات مثل تيك توك وإنستغرام وديسكورد، ما سمح بتنظيم مظاهرات سريعة وغير مركزية يصعب السيطرة عليها.
في الدار البيضاء، خاصة في حي كوريا، قطع المحتجون الطرق، نظموا اعتصامات، وأقاموا متاريس من الحجارة والإطارات المشتعلة، فيما ردت قوات مكافحة الشغب بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريقهم. السلطات أكدت اعتقال ما لا يقل عن ٢١ شخصًا، بينما تحدث شهود عن هتافات تطالب باستقالة رئيس الوزراء عزيز أخنوش واتهامات بالاستغلال و"الاغتناء غير المشروع". كما أعلنت السلطات مقتل ثلاثة شبان في القليعة قرب أكادير بعد أن حاولوا سرقة أسلحة وذخيرة، فيما وصفت منظمات حقوقية ما حدث بأنه تصعيد خطير في استخدام القوة.
منذ بداية الاضطرابات، تم اعتقال مئات الأشخاص وإصابة عشرات، إلى جانب تخريب ممتلكات عامة وخاصة وإحراق سيارات، ما جعل هذه الاحتجاجات تُوصف بأنها الأسوأ منذ احتجاجات الريف ٢٠١٦-٢٠١٧. وفي مدن أخرى مثل فاس ومراكش والرباط، سار المتظاهرون في مسيرات ليلية، مرددين شعارات تدعو إلى المساواة في الفرص، محاربة البطالة، وضمان خدمات صحية وتعليمية لائقة.
الحكومة من جانبها أقرت بـ"مشروعية بعض المطالب" لكنها شددت على أن الإصلاحات تتطلب وقتًا وصبرًا، فيما دعا رئيس الوزراء إلى الحوار مع الشباب لتهدئة التوتر. لكن أحزاب المعارضة حمّلت الحكومة المسؤولية، مطالبةً بحوار سياسي شامل يضمن الاستجابة الفعلية لمطالب المتظاهرين.
المراقبون يعتبرون أن الحراك الحالي يمثل تحوّلًا نوعيًا، إذ يقوده شباب غير مرتبط بأحزاب أو نقابات تقليدية، ويعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي كساحة تنظيمية، مما يعكس جيلًا جديدًا يطالب بالمساءلة والإنصاف بعيدًا عن الأطر السياسية الكلاسيكية. ومع استمرار الاحتجاجات لليلة السادسة، تتصاعد المخاوف من أن يتطور الوضع إلى أزمة سياسية أشمل إذا لم تُقدَّم إصلاحات ملموسة وسريعة.