شهدت الأسواق الآسيوية تراجعًا حادًا بعدما أثارت التوترات التجارية المتجددة بين الولايات المتحدة والصين موجة بيع واسعة بين المستثمرين. وانخفضت المؤشرات الرئيسية في البرّ الصيني، حيث تراجع مؤشر شنغهاي المركّب بنحو ٢٪ في التعاملات المبكرة، بينما فقد مؤشر CSI ٣٠٠ حوالي ١٫٨٪. وهبط مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ بنحو ٣٫٥٪ متأثرًا خصوصًا بأسهم التكنولوجيا، في حين تراجع سوق تايوان بنسبة ٢٫٨٪ مع انخفاض سهم شركة TSMC بأكثر من ٣٪. كما انخفض مؤشر كوسبي في كوريا الجنوبية بنحو ١٫٧٪ عند الافتتاح وتراجع في إحدى اللحظات إلى ٢٫٤٪، بينما سجلت مؤشرات نيفتي ٥٠ وسينسكس الهندية تراجعات طفيفة مقارنة ببقية الأسواق الآسيوية.
وجاءت هذه التحركات بعد اقتراحات أمريكية بفرض رسوم جمركية تصل إلى ١٠٠٪ على الواردات الصينية وتشديد ضوابط التصدير على برامج رئيسية، وذلك ردًا على تشديد الصين لقواعد تصدير المواد النادرة. وقد أعاد هذا التصعيد المتبادل المخاوف من اندلاع حرب تجارية شاملة، ما ضغط على القطاعات المعتمدة على التصدير في آسيا، لا سيما التكنولوجيا وأشباه الموصلات وصناعة السيارات.
ولجأ المستثمرون إلى الملاذات الآمنة: حيث واصل الذهب ارتفاعه مع تزايد الطلب على الأمان، بينما تراجعت أسعار النفط بفعل مخاوف من ضعف الطلب وتراجع الشهية للمخاطرة، في حين ارتفعت عقود السندات الصينية الآجلة مع مساعي بكين لتهدئة الأسواق. وظل اليوان مستقرًا نسبيًا بعد إجراءات حكومية تهدف لاحتواء التذبذبات. وحذّر المحللون من أن موجة البيع لا تعكس فقط صدمة القرارات السياسية، بل أيضًا هشاشة الأسواق نتيجة تضخم التقييمات، وتشديد السيولة العالمية، وإمكانية فرض رسوم جديدة، وهي عوامل قد تبقي التقلبات مرتفعة خلال الأسابيع المقبلة.
ورغم الانخفاض الحاد، رأى بعض المراقبين أن التصعيد الحالي قد يعزز فرص العودة إلى طاولة المفاوضات ويدفع الجانبين نحو التوصل إلى تسوية دبلوماسية تعيد الاستقرار للأسواق إذا استؤنفت المحادثات. وتتابع السلطات في الأسواق المتأثرة تدفقات رؤوس الأموال وتأثير التراجع على القطاعات الحساسة، فيما يقوم المستثمرون بإعادة توزيع محافظهم نحو القطاعات الدفاعية والأصول الآمنة.
وتؤكد هذه التطورات مدى حساسية الأسواق الآسيوية للتغيرات الجيوسياسية والتجارية، وتُبرز سرعة انتقال آثار السياسات عبر سلاسل الإمداد والأسواق المالية العالمية. وأشار متعاملون ومؤسسات استثمارية إلى أنهم يتبنون موقفًا حذرًا للغاية، مرجّحين أن مخاطر العناوين الإخبارية حول السياسات التجارية ستظل تتحكم في معنويات الأسواق حتى تظهر إشارات واضحة على التهدئة أو تقدم في المفاوضات.