استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي في شوارع العاصمة أنتاناناريفو مع عودة مئات الشبان للتظاهر، رغم قرار الرئيس أندري راجولينا بحل حكومته. ودخلت الاحتجاجات يومها الرابع وانتشرت من العاصمة إلى مدن أخرى مثل فينواريفو، ماهاجانغا ودييغو سواريز، حيث يطالب المتظاهرون بتوفير مياه وكهرباء منتظمة، واستقالة الرئيس، وإقالة مزيد من المسؤولين.
وفي خطاب متلفز، تعهد راجولينا بإطلاق حوار، وتقديم دعم للأعمال التجارية، وتشكيل حكومة جديدة خلال ثلاثة أيام. كما أعلن إقالة وزير الطاقة وإنهاء مهام رئيس الوزراء وتعيين وزراء بالوكالة حتى تشكيل الحكومة المقبلة. لكن منظمي الاحتجاجات أعربوا عن خيبة أملهم، مطالبين الرئيس بالاعتذار علنًا ومتهمين إياه بعدم اتخاذ إجراءات كافية بعد مقتل عدة متظاهرين.
مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك أدان ما وصفه باستخدام "غير ضروري وغير متناسب" للقوة، مشيرًا إلى مقتل ما لا يقل عن ٢٢ شخصًا وإصابة أكثر من ١٠٠ منذ اندلاع الاضطرابات الأسبوع الماضي. وتشمل أرقام الأمم المتحدة متظاهرين ومارة وضحايا لأعمال نهب وعنف عصابات تلت الاحتجاجات. بينما رفضت وزارة الخارجية في مدغشقر هذه الأرقام ووصفتها بأنها "شائعات أو معلومات مضللة".
تمثل هذه المظاهرات، المستوحاة من حركات "جيل زد" في كينيا ونيبال، أكبر تعبئة جماهيرية تشهدها البلاد منذ سنوات وأخطر تحدٍّ يواجه راجولينا منذ فوزه بولاية ثالثة مثيرة للجدل في ديسمبر ٢٠٢٣. وكانت الاحتجاجات قد بدأت سلمية يوم الخميس، لكن تقارير تحدثت لاحقًا عن هجمات حرق على منازل مشرعين، واتهامات بأن بلطجية مأجورين قاموا بأعمال نهب لتشويه الحركة.
ومع تصاعد الاشتباكات وتقارير النهب، فرضت السلطات حظر تجول من الغروب حتى الفجر في أنتاناناريفو. وأقامت الشرطة حواجز طرق، وأطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود، واستخدمت الرصاص المطاطي. ودعت الأمم المتحدة إلى الإفراج الفوري عن المتظاهرين المحتجزين تعسفًا، وطالبت قوات الأمن بوقف الاستخدام المفرط للقوة.
تأتي هذه الاضطرابات في سياق تاريخ طويل من الانتفاضات الشعبية في مدغشقر منذ الاستقلال، أبرزها احتجاجات عام ٢٠٠٩ التي أطاحت بالرئيس السابق مارك رافالومانانا وأوصلت راجولينا إلى السلطة بعد انقلاب. وتكشف الأزمة الحالية عن استمرار المظالم المتعلقة بالخدمات الأساسية وتسلط الضوء على تزايد النفوذ السياسي لشباب البلاد.