استخدمت الشرطة التايلاندية الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي وجهازاً صوتياً بعيد المدى ضد مدنيين كمبوديين حاولوا إزالة حواجز من الأسلاك الشائكة في منطقة حدودية متنازع عليها. ووقعت المواجهة قرب مستوطنة تُسميها تايلاند "بان نونغ يا كايو" في مقاطعة سا كايو، بينما تُعرفها كمبوديا باسم "بري تشان" في مقاطعة بانتياي مينشي. وتجمّع حوالي ٢٠٠ متظاهر كمبودي عند السياج الذي نصبته تايلاند مطالبين بإزالته؛ وأمرت قوات مكافحة الشغب التايلاندية المتظاهرين بالانسحاب، لكن بعد فشل المفاوضات أطلقت الذخائر غير الفتاكة. ورد المتظاهرون الكمبوديون باستخدام العصي الخشبية والحجارة والمقاليع.
ويُعتبر هذا التصعيد الأخطر منذ وقف إطلاق النار في يوليو الذي أنهى مواجهة دامية استمرت خمسة أيام. وأفادت السلطات الكمبودية بإصابة ما لا يقل عن ٢٨ شخصاً، بينهم عدد من الرهبان البوذيين، فيما أكدت تايلاند إصابة خمسة جنود. ويلقي كل طرف باللوم على الآخر في اندلاع العنف؛ إذ تدين كمبوديا ما وصفته بـ "الاستخدام المفرط للقوة" وتقول إن اتفاق وقف النار تم انتهاكه، بينما تؤكد تايلاند أن الحشود عبرت إلى أراضيها وحاولت عمداً تدمير الحواجز.
وكان فريق مراقبة مؤقت تابع لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) قد دخل المنطقة في وقت سابق من اليوم لمتابعة الوضع، لكنه انسحب بعد اندلاع العنف لأسباب تتعلق بالسلامة. ولم يتم تأكيد وقوع وفيات حتى الآن. غير أن هذا التوتر يُهدد السلام الهش الذي أُرسى بعد هدنة يوليو ويُعيد المخاوف بشأن النزاع الحدودي الممتد منذ عقود والذي يعود إلى خرائط الحقبة الاستعمارية وحكم محكمة العدل الدولية عام ١٩٦٢ الذي ترك بعض المقاطع الحدودية غامضة.
وينبع النزاع من تفسيرات متباينة لتلك الخرائط الاستعمارية. فبينما تؤكد تايلاند سيادتها على الأراضي التي يحيطها السياج، تصر كمبوديا على أنها تقع ضمن نطاق قريتها "بري تشان". وقد حدّد قرار محكمة العدل الدولية عام ١٩٦٢ أجزاء من الحدود لكنه ترك فجوات، وهو ما سمح باستمرار هذه النقطة المشتعلة حتى اليوم.
وفي يوليو الماضي، أسفر صراع استمر خمسة أيام على طول نفس الحدود عن مقتل العشرات، قبل أن يتدخل وسطاء آسيان لفرض هدنة تضمنت انسحاباً متبادلاً ومراقبة مشتركة وتعهد بعدم إقامة حواجز أحادية. لكن رغم ذلك، نصبت تايلاند أسلاكاً شائكة في أوائل سبتمبر، مما دفع المسؤولين المحليين في بانتياي مينشي إلى تنظيم احتجاج.
وتؤكد البيانات التايلاندية أن شرطة مكافحة الشغب حاولت أولاً التوصل إلى حل بالحوار، حيث وجّهت إنذارات شفهية قبل استخدام أدوات تفريق الحشود. وتقول إن المتظاهرين تجاهلوا الأوامر واستمروا في تفكيك الأسلاك ورشق القوات بالمقذوفات، ما استدعى رداً محسوباً. في المقابل، تتهم السلطات الكمبودية القوات التايلاندية بأنها فتحت النار دون إنذار كافٍ، مما اعتبرته انتهاكاً لاتفاق وقف النار وتعريضاً لحياة المدنيين، بينهم شخصيات دينية، للخطر.