قدّم رئيس الوزراء الفرنسي الجديد سيباستيان لوكورنو استقالته بعد ساعات فقط من إعلان تشكيل حكومته، في خطوة مفاجئة عمّقت الأزمة السياسية المتصاعدة داخل برلمان منقسم وأثارت قلقًا واسعًا في الأوساط السياسية والاقتصادية. وجاءت الاستقالة السريعة بعد أسابيع من المشاورات الصعبة وقائمة وزارية أثارت انتقادات من المعارضة وحتى من داخل الائتلاف الحاكم. ووصفت مصادر حكومية الخطوة بأنها “غير مسبوقة”، فيما طالبت الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة الرئيس إيمانويل ماكرون بالدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة.
تحدثت تقارير عن انسحاب شركاء التحالف من دعم الحكومة بسبب خلافات على بعض التعيينات، أبرزها الجدل حول برونو لو مير، ما دفع لوكورنو إلى تقديم استقالته، ليقرر ماكرون حلّ الحكومة الجديدة وطلب من لوكورنو البقاء مؤقتًا لإدارة الشؤون العاجلة والتشاور حول الخطوات المقبلة. ويواجه ماكرون الآن خيارات محفوفة بالمخاطر السياسية: إما تعيين رئيس وزراء جديد، أو الدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، أو إدارة حكومة تصريف أعمال مؤقتة، وكل خيار يحمل تداعيات عميقة على استقرار الحكم.
الأسواق المالية تفاعلت بسرعة وسلبية مع الأزمة. فقد هبط مؤشر كاك ٤٠ (CAC 40) بشكل حاد ليصبح من بين أسوأ مؤشرات أوروبا أداءً في ذلك اليوم، وتراجعت أسهم البنوك الكبرى مثل بي إن بي باريبا وسوسيتيه جنرال وكريدي أغريكول بنسبة تراوحت بين ٤ و٥٪. كما انخفض اليورو بنحو ٠٫٧٪ مقابل الدولار، وارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل ١٠ سنوات، مما وسّع الفجوة بينها وبين السندات الألمانية مع تسعير المستثمرين لمخاطر سياسية ومالية أكبر.
ويرى محللون أن انهيار الحكومة الجديدة يضعف ثقة الأسواق في قدرة فرنسا على المضي في إصلاحاتها المالية وسط ارتفاع الدين العام وغياب أغلبية مستقرة في البرلمان. كما اعتبر مراقبون أن ما حدث يعكس أزمة أعمق في النظام السياسي الفرنسي منذ انتخابات ٢٠٢٤ المبكرة التي أفرزت برلمانًا منقسمًا وعجزت الحكومات المتعاقبة عن تحقيق أغلبية برلمانية متماسكة.
وفي الأثناء، تسعى مؤسسات الدولة لإدارة الأزمة واحتواء تداعياتها، فيما تترقب الأسواق والمراقبون السياسيون الخطوات المقبلة التي ستحدد اتجاه الحكم والاقتصاد الفرنسي في المدى القصير.