قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن كمية المواد الغذائية التي تدخل إلى غزة ازدادت منذ بدء الهدنة التي تم التوصل إليها بوساطة أمريكية، لكنها ما زالت بعيدة جدًا عن المستوى المطلوب لتجنب كارثة إنسانية، إذ لا يتجاوز متوسط ما يدخل يوميًا ٧٥٠ طنًا من أصل هدف يبلغ ٢٠٠٠ طن. ولا تعمل حاليًا سوى معبرين خاضعين للسيطرة الإسرائيلية — كرم أبو سالم في الجنوب وكيسوفيم في الوسط — بينما لا يُسمح لأي قوافل بالدخول مباشرة إلى شمال القطاع الذي يعاني من المجاعة. هذا الوضع يجعل من المستحيل إيصال الإمدادات إلى غزة وشمالها، إذ تصل بعض المساعدات الغذائية المخصصة للأطفال والحوامل عبر الممرات الجنوبية فقط دون قوافل ضخمة.
وأوضح مسؤولو البرنامج أن الإمدادات الحالية تكفي لإطعام نحو نصف مليون شخص لمدة أسبوعين، لكن الصراع الطويل والدمار الواسع والنزوح الجماعي جعل سكان القطاع في حالة هشاشة شديدة. وأفاد بعض المستفيدين بأنهم يقتصدون في الطعام أو يخزنون جزءًا منه خوفًا من انقطاع الإمدادات مجددًا، ما يعكس الشكوك الواسعة حول استمرارية الهدنة. وقد استؤنفت عمليات التوزيع بعد توقف قصير بسبب مزاعم بخرق الاتفاق، إلا أن تقارير عن ضربات جوية واشتباكات مسلحة زادت من صعوبة العمليات الإنسانية وعرّضت قوافل الإغاثة لمخاطر إضافية.
ويطالب برنامج الأغذية العالمي بفتح جميع المعابر والممرات لزيادة حجم المساعدات بسرعة ومنع حدوث مجاعة شاملة، بينما تحذر وكالات الإغاثة من أن القيود المفروضة على الوصول والمخاطر الأمنية مثل تحليق الطائرات المسيّرة أو النشاط العسكري، إلى جانب التعقيدات البيروقراطية والإجرائية في المعابر، تُعد من أبرز العوائق أمام تلبية الاحتياجات العاجلة في القطاع. ويؤكد منسقو الإغاثة أن إنشاء ممرات إنسانية مستدامة وآمنة وحماية المدنيين والعاملين الإنسانيين ضروري للوصول إلى أكثر المناطق تضرراً، خصوصًا في الشمال الذي لا تزال الإمدادات المباشرة إليه متوقفة بالكامل.
وتُرجع السلطات الإسرائيلية القيود المفروضة على حركة المساعدات إلى “اعتبارات أمنية”، وقد علّقت أو قلّصت مرور الشحنات في عدة مناسبات بعد تقارير عن خروقات للهدنة. ويشكّل التوازن بين هذه الاعتبارات الأمنية والضرورة الإنسانية تحديًا محوريًا، إذ تواجه إسرائيل ضغوطًا دولية متزايدة لإعطاء الأولوية لحماية المدنيين وضمان تدفق المساعدات بشكل مستمر.
ولا تزال المنظمات الإنسانية والجهات الدولية تدفع باتجاه إنشاء آلية دائمة وملزمة تضمن تدفق المساعدات دون انقطاع، وتوسيع عمليات المعابر وتحسين آليات التوزيع داخل غزة، في محاولة لتفادي انهيار كامل في الوضع الإنساني الذي يزداد سوءًا مع كل تأخير في وصول الإمدادات.