تجمّع آلاف المتظاهرين في شوارع لندن للاحتجاج على استقبال الرئيس الأميركي دونالد ترامب بحفاوة ملكية في قلعة وندسور من قبل الملك تشارلز الثالث، وذلك خلال ثاني زيارة دولة رسمية له إلى بريطانيا. وقد نظّم المسيرة ائتلاف "أوقفوا ترامب" بمشاركة منظمات كالعفو الدولية، وجماعات حقوق الإجهاض، ونشطاء مؤيدين لفلسطين، حيث شارك نحو ٥٠٠٠ شخص ساروا سلمياً باتجاه البرلمان حاملين لافتات كتب عليها "لا للعنصرية، لا لترامب"، و"ترامب، خطوة كبيرة إلى الوراء في تطور الإنسان"، إلى جانب شعارات تندد بمواقفه من غزة، والإجهاض، والهجرة، والبيئة. وأكد المتظاهرون أن معارضتهم لا تقتصر على السياسات بل تمتد إلى ما وصفوه بالنزعات السلطوية لديه.
في المقابل، اصطفّت مجموعة أصغر بكثير من مؤيدي ترامب خارج قلعة وندسور لمشاهدة مراسم الترحيب الملكي. وتجلّت المراسم بكامل مظاهر الفخامة: موكب بالعربة، تحية ملكية، عزف النشيد الوطني الأميركي، استعراض حرس الشرف من الحرس الويلزي، عرض جوي عسكري، وعشاء فاخر استضافه الملك. وقد وصفت بريطانيا الحدث بأنه أكبر استقبال عسكري رسمي لزيارة دولة في الذاكرة الحديثة، في إشارة إلى "العلاقة الخاصة" التي وصفها ترامب بأنها "أبدية ولا يمكن استبدالها".
وشهدت المناسبة إجراءات أمنية واسعة النطاق، حيث تم نشر أكثر من ١٦٠٠ ضابط شرطة في لندن ووندسور. كما اعتُقل أربعة متظاهرين بعد أن عرضوا صوراً لترامب إلى جانب المدان بالاعتداء الجنسي جيفري إبستين على جدران قلعة وندسور، في حادث وصفته السلطات بخرق للنظام العام. وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "يوغوف" أن ٤٥٪ من البريطانيين يعارضون دعوة ترامب، مقابل حوالي ٣٠٪ يؤيدونها، ما يعكس انقساماً واضحاً في المزاج العام.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، استُخدمت الزيارة منصة لتوقيع "اتفاق الازدهار التكنولوجي" بقيمة ٣١ مليار جنيه إسترليني، يتضمن استثمارات أميركية في الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الكمية، والبنية التحتية للحوسبة السحابية، والطاقة النووية المدنية في بريطانيا. وقد اعتبره الطرفان حجر زاوية للتعاون الاقتصادي المستقبلي. وبينما مضت الأجندة الرسمية بخطابات وغداءات وعشاء ملكي فاخر، كشفت المظاهرات المتزامنة عن النقد المحلي الحاد الذي لا يزال ترامب يثيره داخل المملكة المتحدة، ما حوّل الزيارة إلى مشهد يجمع بين التقاليد الملكية والدبلوماسية رفيعة المستوى والاحتجاج الشعبي الواسع.