تواصلت الاحتجاجات في أنحاء المغرب حيث نظم شباب من مواليد ما بين ١٩٩٥ و٢٠١٠ مسيرات في مدن كبرى مثل الدار البيضاء والرباط ومراكش وأكادير. وُصفت هذه المظاهرات بأنها عفوية ولا مركزية، يجري تنسيقها عبر منصات التواصل الاجتماعي بعيدًا عن الأحزاب السياسية أو النقابات التقليدية. وقد دعت مجموعات مثل “Gen Z 212” و“Morocco Youth Voices” إلى احتجاجات سلمية، إلا أن مواجهات اندلعت في عدة مواقع مع قوات الشرطة.
شهود وصحفيون أشاروا إلى أن قوات الأمن، بما في ذلك عناصر بملابس مدنية ووحدات مكافحة الشغب، قامت بتفريق الحشود واعتقال عشرات المشاركين، إضافة إلى عرقلة بعض التغطيات الإعلامية من مواقع التظاهر. وقالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إن بعض الموقوفين تعرضوا للتعنيف، ووصفت الاعتقالات بأنها جزء من حملة أوسع لقمع حرية التعبير. ولم تُصدر السلطات أرقامًا رسمية كاملة عن عدد المعتقلين، بينما أفادت تقارير بإطلاق سراح بعضهم ليلًا.
تتركز دوافع الغضب على التفاوتات الإقليمية المزمنة والإنفاق الحكومي الكبير على البنية التحتية الرياضية استعدادًا لاستضافة كأس العالم ٢٠٣٠ والأحداث الدولية الكبرى. وقد قارن المتظاهرون بين الملاعب الضخمة وبين نقص المستشفيات والمدارس العمومية، مستشهدين بمآسٍ أخيرة مثل وفاة ثماني نساء أثناء الولادة في أكادير كدليل على الإهمال الهيكلي.
من جانبها، دافعت الحكومة عن سياساتها، حيث أكد رئيس الوزراء عزيز أخنوش وعدد من الوزراء أن الإصلاحات والاستثمارات في قطاع الصحة مستمرة، متعهدين ببناء مستشفيات جديدة في مختلف المناطق. وبعد موجة الغضب الشعبي، قرر وزير الصحة إقالة مدير مستشفى أكادير وعدد من المسؤولين. غير أن المتظاهرين يعتبرون هذه الخطوات شكلية ويطالبون بتغيير جذري يتجاوز مجرد التغييرات الإدارية.
بيانات الصحة العمومية التي أبرزها النشطاء تظهر النقص الحاد في الطواقم الطبية: حوالي ٧٫٧ مهنيين صحيين لكل ١٠ آلاف نسمة على المستوى الوطني عام ٢٠٢٣، وتنخفض النسبة إلى ٤٫٤ لكل ١٠ آلاف في بعض مناطق أكادير، وهو أقل بكثير من توصية منظمة الصحة العالمية البالغة ٢٥ لكل ١٠ آلاف. ولهذا يطالب المحتجون ليس فقط بحلول عاجلة، بل أيضًا باستثمارات مستدامة في التوظيف والرواتب وتحسين وصول الخدمات إلى المناطق الريفية.
ويرى المحللون أن هذه الاحتجاجات تمثل تحولًا جيليًا واضحًا، إذ تقودها حركة شبابية لا مركزية تعتمد على التنظيم الرقمي وتدعو إلى المساءلة وتحسين فرص العمل والخدمات الأساسية. كما تشكل امتدادًا لاحتجاجات محلية سابقة أعقبت زلزال ٢٠٢٣ وقضايا أخرى مثيرة للجدل، ما يعكس حالة استياء أوسع قد تعيد صياغة النقاش العام إذا استمرت الأسباب العميقة دون معالجة.