اعترضت البحرية الإسرائيلية أسطول الصمود العالمي الذي كان يقل أكثر من ٥٠٠ ناشط من أكثر من ٤٠ دولة أثناء إبحاره نحو قطاع غزة محمّلًا بمساعدات رمزية، في حادثة أثارت ضجة واسعة بعد الكشف عن وجود الناشطة البيئية السويدية الشهيرة غريتا تونبرغ على متنه، وهو ما منح العملية أبعادًا سياسية وإعلامية غير مسبوقة.
الأسطول، المكوّن من أكثر من ٤٠ قاربًا صغيرًا وسفن دعم، انطلق من موانئ في جنوب أوروبا وشمال أفريقيا محمّلًا بالمواد الغذائية والأدوية وحليب الأطفال ومستلزمات إغاثية، في محاولة لكسر الحصار البحري المفروض على غزة منذ أكثر من ١٧ عامًا. المنظمون أوضحوا أن الهدف ليس فقط إدخال شحنات المساعدات، بل أيضًا لفت الأنظار إلى ما وصفوه بـ“الكارثة الإنسانية” الناتجة عن الحرب والحصار المتواصلين.
بحسب شهادات المشاركين، اعترضت السفن الحربية الإسرائيلية القوارب على بعد ما بين ٧٠ و٧٥ ميلًا بحريًا عن شواطئ غزة، أي داخل المياه الدولية. وخلال العملية، شوّشت القوات الإسرائيلية على أجهزة الاتصال، وحلّقت طائرات مسيّرة فوق المنطقة، كما استُخدمت خراطيم المياه لشلّ حركة بعض القوارب، بينما أكد نشطاء أن قوات الكوماندوز أطلقت مواد كيميائية تسبب الاختناق المؤقت قبل أن تقتحم الأسطول. عقب ذلك تم سحب القوارب إلى ميناء أشدود، حيث احتُجز جميع الركاب وخضعوا للتحقيق.
الجيش الإسرائيلي دافع عن العملية معتبرًا إياها “قانونية” وفق معايير الأمن البحري، ووصف الأسطول بأنه “مسرحية سياسية” تنظمها جماعات “معادية لإسرائيل”، مشيرًا إلى أن إدخال المساعدات ممكن عبر القنوات الرسمية في حال تمت الموافقة عليها. في المقابل، نددت منظمات حقوقية باعتراض الأسطول في المياه الدولية، مؤكدة أن ذلك يشكل خرقًا للقانون الدولي البحري واعتداءً على مدنيين عُزّل.
التقارير أفادت بأن غريتا تونبرغ وثلاثة نشطاء آخرين وافقوا على الترحيل السريع، بينما رفضت الغالبية العظمى من المشاركين توقيع وثائق الإبعاد، وأعلنوا نيتهم خوض معركة قانونية ضد إسرائيل أمام محاكم دولية. عدة حكومات أوروبية طالبت على الفور بالإفراج عن رعاياها، فيما طالبت منظمات دولية بفتح تحقيق مستقل في ملابسات العملية.
ردود الفعل الدولية جاءت قوية؛ فقد خرجت مظاهرات في لندن وباريس ومدريد وبرلين للتنديد بما جرى، كما شهدت مدن أميركية مثل نيويورك ولوس أنجلوس احتجاجات تضامنية مع المشاركين. وفي العواصم العربية، صدرت بيانات رسمية من قطر والأردن والكويت اعتبرت أن اعتراض الأسطول يمثل “انتهاكًا صارخًا للإنسانية” ويزيد من معاناة سكان غزة.
الحادثة أعادت إلى الأذهان ذكرى الهجوم الإسرائيلي على سفينة مافي مرمرة عام ٢٠١٠، إلا أن هذه المرة اكتسبت صدى عالميًا أكبر بفضل وجود شخصية ذات حضور إعلامي مثل غريتا تونبرغ. محللون حذروا من أن التداعيات قد تعمّق عزلة إسرائيل على الساحة الأوروبية، وتزيد من الدعوات البرلمانية لفرض عقوبات أو قيود على صادرات الأسلحة إليها، فضلًا عن الدفع نحو مراجعة شرعية استراتيجية الحصار المفروض على غزة.