احتشد عشرات الآلاف من الإثيوبيين في ساحة مسكل وسط العاصمة أديس أبابا للاحتفال باكتمال بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير (GERD)، أضخم مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا، وذلك في تجمع جماهيري واسع أعقب مراسم الافتتاح الرسمي. وجمع الحدث بين عرض عسكري وعروض فنية تضمنت رقصات تقليدية وأغانٍ وأداءات لفرق من مختلف أقاليم البلاد. وشارك في الاحتفال طلاب وموظفو دولة وشيوخ ومزارعون وعائدون من المهجر، وقد رفعوا الأعلام ورددوا شعارات مثل "معاً، لقد انتصرنا"، معتبرين السد رمزاً للفخر الوطني والوحدة والاعتماد على الذات.
وأشار المنظمون إلى أن تمويل السد جاء في معظمه من المساهمات الداخلية وشراء السندات من قبل المواطنين العاديين، بعد أن رفضت مؤسسات التمويل الدولية دعمه، وهو ما أوجد شعوراً قوياً بالملكية الشعبية للمشروع. ورأى المسؤولون الحكوميون والزعماء المحليون أن الإنجاز لا يمثل مجرد خطوة هندسية تاريخية، بل هو أيضاً رسالة سياسية عن سيادة إثيوبيا وخيارها المتعمد في اتباع مسار تنموي ذاتي بدلاً من الاعتماد على التمويل الخارجي. ويؤكد أنصار المشروع أن اكتماله يمثل دليلاً على أن التضحية الجماعية والتعبئة الداخلية يمكن أن تحقق بنية تحتية تحويلية وتعيد صياغة قدرات الدولة.
وبعيداً عن الرمزية، يُنتظر أن يعزز سد النهضة بشكل ملموس أمن الطاقة في إثيوبيا ودورها الإقليمي؛ فالبلاد تصدر بالفعل الكهرباء إلى جيبوتي وكينيا والسودان، وتخطط لمد الشبكات إلى تنزانيا، مما يضعها في موقع متقدم كمركز ناشئ للطاقة في شرق إفريقيا. وأعرب المشاركون وحاملو السندات عن عزمهم تكرار النموذج ذاته في مشاريع وطنية مستقبلية، معتبرين أن آلية التمويل هذه تمثل خريطة طريق للتنمية تُبقي السيطرة والعوائد داخل البلاد.
ورأى المحتفلون أن السد يجسد فلسفة أوسع للتنمية الإفريقية القائمة على مبدأ الاعتماد على الذات، معتبرين أن المشروع يثبت وجود بديل عملي للنماذج المعتمدة على الديون الخارجية التي كثيراً ما ترتبط بالنفوذ الأجنبي. ووصف العديد من الأصوات في التجمع السد بأنه نصب تذكاري للصمود وإنجاز موحد يكرم تضحيات الملايين، فيما اعتبره المسؤولون المحليون رمزاً دائماً لنهضة وطنية جديدة.
وأكدت هذه الفعالية السردية الإثيوبية التي تبرز أن الأهداف الوطنية الطموحة يمكن أن تتحقق عبر التضامن الداخلي والاستثمار الشعبي، وأن اكتمال سد النهضة يقدم درساً قارياً في تأكيد السيادة التنموية وتعزيز التكامل من خلال مبادرات محلية المنشأ.