شهدت مدينة لفيف الأوكرانية مشاهد مهيبة من الحزن خلال تشييع جثمان السياسي المخضرم أندري باروبي، البالغ من العمر ٥٤ عامًا، بعد اغتياله في وضح النهار برصاص مسلح. باروبي، ابن مدينة لفيف وأحد أبرز الوجوه التي برزت منذ نشاطه القومي وصولًا إلى دوره البارز في انتفاضة الميدان عام ٢٠١٤، ثم توليه رئاسة البرلمان الأوكراني بين عامي ٢٠١٦ و٢٠١٩، قُتل في حادثة هزّت الأوساط السياسية والشعبية. الشرطة اعتقلت المشتبه به، وهو رجل أوكراني يبلغ من العمر ٥٢ عامًا من مدينة خميلنيتسكي، الذي اعترف في المحكمة بتنفيذ الجريمة واصفًا فعلته بأنها "انتقام شخصي". وادعى أنه أراد إدراجه في صفقة تبادل أسرى لاستعادة جثمان ابنه الجندي الذي قتل في الحرب، نافياً أن يكون قد جُنّد أو جرى تحريضه من قبل روسيا. غير أن السلطات الأوكرانية أكدت أن لديها شبهات قوية بوجود صلة روسية بالعملية، بينما لم يصدر أي تعليق رسمي من موسكو حتى الآن.
مقاطع المراقبة التي عرضتها الشرطة أظهرت القاتل متنكرًا في زي عامل توصيل، حيث اقترب من باروبي من الخلف وأطلق عدة رصاصات، قبل أن يلوذ بالفرار مستخدمًا دراجة كهربائية. محكمة لفيف أمرت بحبسه ٦٠ يومًا على ذمة التحقيق، فيما بثّت القنوات الأوكرانية لقطات من جلسة الاستماع أقر فيها المتهم بإطلاق النار، لكنه تمسك بمزاعمه المتعلقة بابنه كسبب أساسي.
اغتيال باروبي ترك أثرًا بالغًا في المجتمع الأوكراني. فقد شارك المئات في جنازته التي انطلقت من كاتدرائية القديس جورج، ثم دُفن في مقبرة ليتشاكيف التاريخية، حيث حضر سياسيون وقدامى المحاربين، بمن فيهم القائد العسكري السابق فاليري زالوجني، لتقديم واجب العزاء. الكلمات التأبينية ركزت على مسيرة باروبي كأحد أبرز الأصوات الداعية للتوجه الغربي، وإسهامه في تأسيس وحدات الدفاع الذاتي إبان أحداث الميدان، وكذلك جهوده البرلمانية لترسيخ الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.
السلطات لفتت إلى أن الحادثة تأتي بعد اغتيال النائبة القومية إيرينا فاريون في لفيف في يوليو ٢٠٢٤، وهي القضية التي يُحاكم فيها شاب يبلغ من العمر ١٨ عامًا. وعلى الرغم من أن الشرطة لم تر صلة مباشرة بين الجريمتين، إلا أن تكرار استهداف شخصيات قومية بارزة أثار مخاوف من حملة اغتيالات منظمة مرتبطة بعمليات روسية سرية تهدف لزعزعة استقرار الجبهة الداخلية. هذه المخاوف تعكس حجم التهديد الذي يواجهه المدافعون عن توجه أوكرانيا الأوروبي حتى في المناطق البعيدة عن خط المواجهة. ومع استمرار التحقيقات، يبقى التركيز منصبًا على كشف ما إذا كان هناك ارتباط خارجي أو شبكة أوسع خلف هذا الاغتيال، وسط إدراك متزايد بأن الحرب لا تقتصر على الجبهات العسكرية فقط، بل تشمل أيضًا جبهات خفية تستهدف الرموز الوطنية والسياسية.