تراجعت أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي وسط تنامي المخاوف من فائض في المعروض وتباطؤ في الطلب العالمي، في وقت ساهمت فيه التوترات التجارية المتجددة بين الولايات المتحدة والصين في زيادة قلق المستثمرين. وانخفضت المؤشرات العالمية إلى أدنى مستوياتها منذ مطلع مايو، مع تقييم الأسواق لتوقعات بزيادة الفائض وتراجع الاستهلاك في المدى المتوسط.
وحذّرت وكالة الطاقة الدولية من احتمال وصول فائض المعروض إلى نحو ٤ ملايين برميل يوميًا بحلول عام ٢٠٢٦ مع استمرار المنتجين في زيادة الإمدادات بالتوازي مع ضعف الطلب. كما خفّضت الوكالة توقعاتها لنمو الطلب في العام المقبل، مشيرة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وتسارع التحول نحو الطاقة الكهربائية كعوامل تحد من الاستهلاك. وتوقّع محللو بنك "غولدمان ساكس" مزيدًا من الانخفاض في الأسعار، مرجحين تراجع خام برنت إلى نحو ٥٢ دولارًا للبرميل بنهاية عام ٢٠٢٦.
وامتدت خسائر خام برنت وغرب تكساس الوسيط بعد تقارير عن إجراءات متبادلة بين واشنطن وبكين شملت رسومًا إضافية على الشحنات الثنائية، ما أثار مخاوف من اضطرابات تجارية أوسع قد تُضعف استهلاك النفط وحركة الشحن. وأشار محللون في أسواق السلع إلى أن حالة الشد والجذب المستمرة في المفاوضات الأميركية-الصينية تجعل من الصعب التنبؤ بالطلب وتبقي الأسعار تحت الضغط.
وأبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب استعدادًا مشروطًا لتخفيف الرسوم الجمركية إذا قدمت الصين تنازلات قبل القمة المرتقبة مع الرئيس شي جين بينغ، لكنه أكد أن بكين “دفعت أثمانًا باهظة” بسبب الرسوم الحالية. كما أشار إلى أنه تلقى تعهدًا من رئيس وزراء الهند بالحد من مشتريات النفط الروسي المخفّض السعر، في تصريحات تعكس التحولات المستمرة في تدفقات النفط العالمية منذ إعادة تموضع موسكو التجاري بعد عام ٢٠٢٢.
وعلى صعيد المعروض، ساهمت زيادة الإنتاج من دول تحالف "أوبك بلس" والولايات المتحدة في تعميق المخاوف من اتساع الفائض في الأسواق، فيما رأى متعاملون أن الدعم المؤقت الناتج عن التوترات الجيوسياسية أو تخفيضات الإنتاج قد يكون محدود الأثر إذا ظل الطلب ضعيفًا.
وفي موازاة ذلك، يعقد وزراء الطاقة الأوروبيون اجتماعًا لتنسيق خطة مشتركة لتقليص واردات الغاز الروسي، وهي خطوة قد تعيد تشكيل مزيج الطاقة في القارة وتؤثر على ديناميكيات أسواق النفط والغاز عالميًا.
ويرى المحللون أن مزيج العوامل الحالي — زيادة المعروض وتباطؤ نمو الطلب واستمرار الضبابية في السياسات التجارية — يشير إلى فترة طويلة من الضغوط على الأسعار، مع احتمال تفاقمها إذا تدهورت المؤشرات الاقتصادية أو تصاعدت الخلافات التجارية بين القوى الكبرى.