وقّعت معظم الأحزاب السياسية في بنغلادش على “ميثاق يوليو” للإصلاح الوطني، وهو وثيقة واسعة النطاق وُضعت عقب الانتفاضة الطلابية التي شهدتها البلاد العام الماضي، غير أن المراسم الرسمية لتوقيع الاتفاق شابتها أعمال عنف في الشوارع، فيما قاطعته إحدى الحركات السياسية الرئيسية. ورفض “حزب المواطنين الوطني”، الذي أسسه قادة من الحركة الطلابية إلى جانب أربعة أحزاب يسارية، المشاركة في التوقيع، معتبرًا أن الميثاق يفتقر إلى إطار قانوني أو ضمانات ملزمة تضمن تنفيذ التعهدات الواردة فيه.
ووصف الحائز على جائزة نوبل للسلام محمد يونس، رئيس الحكومة الانتقالية، توقيع الميثاق بأنه خطوة كبيرة نحو استعادة النظام السياسي والتحضير للانتخابات الوطنية المقررة في فبراير ٢٠٢٦. وأوضح أن الميثاق هو ثمرة “لجنة التوافق الوطني” وجولات من الحوار بين الأحزاب وهيئات الإصلاح، وقد تم التوصل من خلاله إلى اتفاق حول ٨٤ بندًا على الأقل، نصفها تقريبًا يتعلق بتعديلات دستورية، تشمل إعادة توزيع السلطات بين الرئيس ورئيس الوزراء، وإعادة نظام الحكومة المؤقتة خلال الانتخابات، وضمان الحياد الانتخابي واستقلال القضاء، إلى جانب إصلاحات في اللامركزية والإدارة العامة.
ويرى المؤيدون أن البنود المقترحة — ومن بينها إنشاء برلمان بغرفتين يكون المجلس الأعلى فيه منتخبًا وفق نظام التمثيل النسبي، وتحديد فترة ولاية رئيس الوزراء بعشر سنوات كحد أقصى، ومنع الجمع بين رئاسة الحكومة وقيادة الحزب الحاكم — تهدف إلى الحد من هيمنة السلطة التنفيذية وتقليص النفوذ العائلي وجعل البرلمان أكثر تمثيلًا للتنوع السياسي. في المقابل، حذّر المعارضون والموقعون الغائبون من أن الميثاق يفتقر إلى جدول زمني واضح وآليات قانونية ملزمة، ما يثير مخاوف من أن يتحول إلى وثيقة رمزية أخرى تُضاف إلى سلسلة طويلة من خطط الإصلاح التي لم تُنفّذ في تاريخ البلاد السياسي.
وأشار مراقبون إلى أن تجربة بنغلادش حافلة باللجان والتقارير الإصلاحية — مثل فرق العمل بعد عام ١٩٩٠ ولجنة الإصلاحات التنظيمية لعام ٢٠٠٧ — التي وضعت توصيات تفصيلية لكنها طُبّقت جزئيًا أو أُهملت لاحقًا. ويؤكد المراقبون أن “ميثاق يوليو” يختلف من حيث اتساع نطاق المشاركة والتوافق بين أطراف متباينة حول قضايا خلافية، لكن نجاحه سيتوقف على مدى قدرته على الارتكاز إلى خارطة طريق واضحة تتضمن مراحل تنفيذ محددة ومواعيد نهائية، أو ما إذا كان سينضم إلى سلسلة الوعود الإصلاحية المؤجلة التي لم تغادر صفحات الأرشيف السياسي للبلاد.