تجري غينيا استفتاءً على مشروع دستور جديد قد يتيح لزعيم المجلس العسكري مامادي دمبويا الترشح لمنصب الرئيس، وهو احتمال سبق أن نفاه عند استيلائه على السلطة عام ٢٠٢١. يمثل هذا التصويت اليوم الأخير من الحملة الانتخابية والخطوة الأخيرة في عملية الانتقال من الحكم العسكري إلى الحكم المدني.
المسودة الجديدة ألغت البند الذي كان يحظر على قادة الانقلابات الترشح للانتخابات المقبلة، كما مددت فترة الرئاسة من ٥ إلى ٧ سنوات مع إمكانية التجديد مرتين. كذلك ينص الدستور على إنشاء مجلس شيوخ يُعيَّن ثلث أعضائه من قبل الرئيس. ولكي يمر الاستفتاء، يتطلب الأمر مشاركة ما لا يقل عن ٥٠٪ من أصل ٦,٧ مليون ناخب مسجل، على أن تُجرى الانتخابات الرئاسية في ديسمبر المقبل في حال اعتماده.
الحملة الانتخابية اتسمت بهيمنة واضحة لأنصار دمبويا، حيث شملت تلاوات قرآنية، وحفلات موسيقية لريغي، وصلوات جماعية، إضافة إلى لوحات إعلانية تغطي المباني العامة والخاصة في كوناكري. وقد جابت شوارع العاصمة شاحنات تقل مؤيدين يرتدون قمصاناً وملابس تقليدية مطبوعة بصورة العقيد دمبويا. في المقابل، بقيت أحزاب المعارضة الرئيسية، مثل "اتحاد القوى الديمقراطية" بزعامة سيلو دالين ديالو و"تجمع الشعب الغيني" بزعامة ألفا كوندي، معلقة بسبب إخفاقها في تلبية المتطلبات الإدارية والمالية التي فرضها المجلس العسكري، ما حرمها من تنظيم حملات مناهضة للدستور.
ديالو، المقيم حالياً في المنفى، دعا إلى مقاطعة الاستفتاء واصفاً إياه بـ"المهزلة" الرامية إلى إضفاء الشرعية على الانقلاب. وتشارك منظمات حقوقية هذا الموقف، مشيرة إلى القيود المشددة على الإعلام المستقل، واعتقال صحفيين، وحل أكثر من ٥٠ حزباً العام الماضي. كما أفادت منظمة "مراسلون بلا حدود" بأن منصات التواصل الاجتماعي، ومحطات إذاعية خاصة، وعدة مواقع إخبارية قد حُجبت، مما جعل غالبية السكان، الذين يعانون من معدلات أمية مرتفعة، يعتمدون على الرسائل الرسمية التي تبثها الدولة.
الأصوات المحلية تعكس حالة الاستقطاب: بائعة السوق كادياتو ديابي صرحت بأنها تثق في دمبويا وستصوت بـ"نعم"، بينما اعترف رئيس مجلس حي محمد لامين كامارا بأنه لم يطّلع على الفقرات التي تتيح لزعيم المجلس العسكري الترشح للرئاسة. في المقابل، شددت فنتا كونتي، عضو المجلس الوطني الانتقالي، على أن الاستفتاء يتعلق بالإصلاحات المؤسسية وليس بحملة انتخابية رئاسية.
وفي حال تمت الموافقة على الدستور الجديد، فإن ذلك سيُكرس نفوذ دمبويا، مانحاً إياه الطريق القانوني للترشح للرئاسة، كما سيعزز سلطات السلطة التنفيذية عبر مجلس شيوخ يُعيَّن جزء منه من قِبله، وهو ما قد يعيد رسم المشهد السياسي في البلاد لسنوات قادمة.