اندلعت احتجاجات واسعة في جميع أنحاء الفلبين بسبب مزاعم فساد في مشاريع مكافحة الفيضانات، حيث تم إنفاق تريليونات البيزوات على أعمال “وهمية” — عقود منفوخة أو غير مكتملة أو منفذة بجودة متدنية. وأقر الرئيس فرديناند ماركوس الابن بوجود مخالفات وأمر بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق.
شارك نحو 90,000 شخص في مسيرة انطلقت من متنزه لونيتا إلى نصب قوة الشعب في إيدسا. ظل معظم التجمع سلمياً مطالباً بالشفافية والإفراج عن النشطاء المحتجزين. لكن العنف اندلع عند جسر أيالا وشارع مينديولا وبالقرب من قصر مالاكانيانغ، حيث أضرم ملثمون النار في شاحنة وعدة دراجات نارية، ورشقوا الحجارة والأسلحة البدائية، واشتباكوا مع الشرطة. كما تعرض بهو أحد الفنادق في شارع ريكتو للتخريب بعد إطلاق نار، مما دفع السلطات لتعزيز الأمن حول المجمع الرئاسي.
أفادت السلطات باعتقال أكثر من 200 شخص، بينهم العديد من القاصرين، وأكدت عدم وقوع قتلى. لكن وزارة الصحة أعلنت وفاة رجل مجهول الهوية إثر تعرضه للطعن، ما يناقض تصريح وزير الداخلية جونفيك ريمولا الذي نفى سقوط قتلى واعتبر ما تم تداوله على الإنترنت “أخباراً كاذبة”. كما زعم ريمولا أن شباناً تلقوا 3,000 بيزو لكل منهم لإثارة الشغب، ونفى استخدام الغاز المسيل للدموع رغم انتشار مقاطع فيديو تثبت العكس.
وقدمت الجهات الرسمية تفسيرات متناقضة. إذ أشار العمدة إيسكو مورينو إلى تقارير غير مؤكدة عن تورط سياسي سابق ومحامٍ في تمويل المحرضين. بينما وصفت المتحدثة باسم القصر، كلير كاسترو، الاضطرابات بأنها من فعل “فريق أسود” يسعى للفوضى، ملمحة إلى أن خصوماً سياسيين يقفون وراءها. وربطت وزارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحادث بمجموعة القراصنة “أنونيموس الفلبين”، لكن الأخيرة سارعت إلى نفي المسؤولية وأدانت العنف.
ورفضت منظمات المجتمع المدني هذه الاتهامات. وأكد قادة من حركة “تينديغ بيلبيناس” والتحالف الدولي لحقوق الإنسان في الفلبين، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الفلبين – ديلمان جان روبرت غو، أن المتظاهرين في الأساس شباب من الطبقات الفقيرة في المدن غاضبون من الفيضانات وسرقة الأموال العامة. وحذروا من أن التهديد بتهم التحريض على الفتنة يهدف إلى إسكات المعارضة، وطالبوا بتحقيق مستقل في سلوك الشرطة.
وكشف تحقيق برلماني في عقود مشاريع مكافحة الفيضانات عن تعمد المبالغة في الأسعار وتنفيذ أعمال رديئة في بولاكان والمقاطعات المجاورة، مع تقديرات فساد تتجاوز 20%. وتعهد الرئيس ماركوس بأن “لا أحد سيكون بمنأى عن المحاسبة” في التحقيق، مؤكداً دعم موجة أوسع من النشاط المدني المطالب بالشفافية والمساءلة.